ومنهم أيضاً: العلاء بن الحضرمي رضي الله تعالى عنه، قال بعضهم: كان العلاء بن الحضرمي في سرية فعطشوا، فقام فصلى، وهكذا المؤمن إذا كربه أو حزبه أو أهمه أمر فإنه يلجأ إلى الله عز وجل، وأما الذين لا يؤمنون بالله، ولا يلجئون إلى الله؛ فإنهم إذا أحاطت بهم الهموم إما أن ينتحروا، وإما أن يضجوا ويضجروا، وإما أن تضيق بهم الدنيا؛ لأنهم لا يجدون ملاذاً ولا ملجأ، أما المؤمن فلديه الملجأ والملاذ وهو: الدعاء، والتضرع إلى الله تبارك وتعالى.
فلما عطشوا، واشتدت بهم الحال، وضاقت عليهم صلى وقال: اللهم يا عليم! يا حكيم! يا علي! يا عظيم! إنا عبيدك، وفي سبيلك نقاتل عدوك، فاسقنا غيثاً نشرب منه، ونتوضأ، ولا تجعل لأحد فيه نصيباً غيرنا، فساروا قليلاً فوجدوا نهراً من ماء السماء يتدفق، فشربوا وملئوا أوعيتهم، ثم ساروا، فقال بعض أصحابه بعد أن تقدموا: والله لأرجعن كي أرى موضع النهر، فلما رجع لم ير شيئاً، وكأنه لم يكن في مكانه شيء قط؛ لأنه دعا ألا يجعل لأحد غيرهم نصيباً فيه، فهو لهم، وعلى قدرهم، فتوضئوا وشربوا، فلما ذهبوا ذهب الماء وكأن الأرض لم يكن فيها شيء، فهذا طلب مخصوص لمن طلبه، ولا يشاركهم فيه أحد غيرهم.